وتحتوي على معلومات كثيرة عن واقع الحياة السياسية والاقتصادية والدينية في مدينة "إيبلا" وكذلك تعطي صورة واضحة عن الحيا
ة السياسية في سورية خلال النصف الثاني للألف الثالثة قبل الميلاد، أما المكتشفات التي تعود للفترة الذهبية الثانية فهي كثيرة ومتنوعة ففد كشف عن عدد من المباني الهامة بعدة قطاعات من المدينة كالقصور الملكية مثل القصر الغربي(قصر ولي العهد) والقصر الشمالي (قصر المراسم والاحتفالات الملكية) والقصر الجنوبي كما اكتشف عدد من المعابد كمعبد "عشتار" الكبير و "عشتار" الصغير ومعبد" شمش" ومعبدي "رشف" و"الأجداد"، كما تم الكشف عن آلاف القطع الأثرية المتنوعة من تماثيل وأدوات حجرية وأواني و دمى فخارية وأدوات برونزية متنوعة وغيرها، والتي تملأ حيزاً كبيراً بمتحف "إدلب"».
*وماذا عن بداية الاستيطان البشري، وأهم المراحل والسويات التي مرت بها مملكة "إيبلا"؟
**تعود بداية الاستيطان البشري في موقع "إيبلا" إلى مطلع الألف الرابع
الأستاذ يوسف قدور
قبل الميلاد، ثم ما لبثت المدينة أن نمت و تطورت من قرية صغيرة إلى مدينة هامة ومركز حضاري وسياسي كبير، وذلك خلال النصف الثاني من الألف الثالثة قبل الميلاد، وأصبحت عاصمة لدولة قوية ذات نفوذ كبير بمنطقة واسعة تمتد من سهول "حمص" في سورية إلى أطراف جبال "طوروس" شمالاً، ومن البحر المتوسط غرباً إلى أطراف نهر الفرات شرقاً.
إن امتداد وقوة "إيبلا" كمملكة مزدهرة ومتنفذة ومسيطرة على طرق التجارة بالمنطقة أثار حفيظة "الأكاديين" فقاموا بعدة محاولات لغزو المدينة بهدف القضاء عليها والوصول إلى البحر المتوسط ومناطق الأخشاب في الجبال والتحكم بطرق التجارة التي تسيطر عليها مملكة "إيبلا"، وبعد عدة محاولات استطاع "نارام سن" ملك" أكاد" أن يحتل المدينة ويدمرها ويشعل فيها حريقاً كبيراً عام 2250 ق.م.
وبعد هذا التدمير مرت "إيبلا" بفترة من الانكماش السكاني والركود السياسي والاقتصادي دام عدة قرون، ثم ما لبثت أن نهضت من جديد في ظل السلالة العمورية مثلما نهضت ممالك عمورية أخرى كملكة "يمحاض" بـ"حلب" و"آلالاخ" في "سهل العمق" و "قطنا" "المشرفة" الواقعة إلى الشرق
معبد عشتار في المدينة السفلى
من "حمص" و"ماري" على "الفرات"، وذلك في فترة البرونز الوسيط بين /1900/و/1600 /ق.م، حيث كان عصرها الذهبي الثاني فقد عادت ليكون لها دور متميز في شمال سورية.
وقد انتهت هذه المرحلة باجتياح المنطقة من قبل "الحثيين" القادمين من الأناضول، فقد دُمرت "إيبلا" وأحرقت ونهبت ربما على يد الملك الحثي "مورشيلي" الأول وذلك قرابة العام /1600/ق. م.
وأضاف الأستاذ "قدور": «بعد هذه الواقعة استمرت الحياة في "إيبلا" بشكل محدود كمركز سكني تطور قليلاً خلال الفترة الآرامية ثم ا
لفترة الفارسية والهلنستية، ثم تواصل السكن بالموقع حتى بداية القرن السابع الميلادي ومن ثم طُوي ذكر "إيبلا" ونُسي اسمها حتى مرت بها جحافل الحملة الصليبية في القرن الثاني عشر الميلادي حيث ورد ذكرها في سجلات الحروب الصليبية باسم "مرديخ هاملت"».
يذكر أن الأستاذ "يوسف قدور"من أكثر المهتمين بتاريخ "إيبلا"، وتربطه علاقات وثيقة بأفراد البعثة الإيطالية التي تنقب في الموقع، ولكنه عبر عن شديد حزنه أن موقعه لم يستمر طويلاً لأن أحداً لم يساعده في تبني الفكرة والمشروع.
ياسر الأطرش - موقع إدلب